في الغـربة أَبحـثُ عـن إنسـان..
في الغربة أَبحثُ عن إنسان..
بعد اتخاذي قرار التغرّب والدراسة خارج أسوار وطني، لم أكن أعي أنني سأخرج لعالمٍ لا يوجد فيه أهلي، وصديقاتي، وكل الناس الذين ألفت وجوههم.
رحلت عن عالمي الذي كنت فيه فردًا وسط أفراد من نفس الدين، نتشارك العقيدة نفسها، اللباس نفسه، العادات ذاتها.
غادرته لأحطّ رحالي في مدينة غرب أمريكا، لا يوجد فيها أفراد اعتدت وجودهم، ولا أعزاء ألوذ إليهم.
في بداية الأمر كان من الصعب أن أخرج من الإطار الذي رسمه مجتمعي حولي بقلمٍ كنت أظنه لا يمحى.
شعرت بوحدة لم أشعر بها من قبل، بحثت عن صديقة تشبهني لكن لا أحد بالجوار يشبهني، أنا في عالمٍ أوسع، في أرضٍ تحتضن الكثير المختلف عني بعد أن كنت في أرضٍ تحتضن من يشبهني.
توقفت للحظة، شعرت أن الأرض توقفت عن الدوران معي، لأدرك أنني أبحث عن إنسان، وأنني لن أجد من يشبهني في ظل هذا الكوم من الاختلاف والتنوع، ولا يلزمني أن أبحث عن شخصٍ يشبهني لأتواصل معه كما كنت أفعل
يلزمني إنسان، فقط إنسان؛ يشعر ويتقبّلني بالرغم من اختلاف إيماني ومعتقداتي ومبادئي ولوني وشكلي
ما جعلني أدوّن ما أكتبه؛ أن زوجين استضافانا -لاتينية مسلمة- وزوجها-المسلم الهندي- لتناول الإفطار مع -لاتينية مسيحية ووالدتها - وزوجها -الفارسي المسلم-، وأخرى -أمريكية مسلمة- وزوجها- السعودي المسلم-، بجانبنا عائلة عراقية وأنا وعائلتي.
سقف واحد ضمّنا، وجبة واحدة، وثقافات عديدة..
قلبٌ واحد وألسنة مختلفة..
كنت أخشى قدومي لمكانٍ لا يعيش فيه من يتشارك معي الأشياء ذاتها، لأكتشف أنني قدمت بإرادتي لفرصة أستطيع أن أسميها بفرصة العمر الذهبية، فتحت لي الحياة آفاق جديدة لأعي معنى التعايش، كثيرًا ما تحدثت عن التعايش سابقًا بالرغم من أنني لم أجرب أن أتعايش مع من يختلف عني ، لكن لم أدرك معنى التعايش الحقيقي إلّا بعد أن تخطيّت حدود ما كنت أعيشه، إلّا بعد أن جمعتني صلاة الجمعة بمن يختلف عنّي في العادات والأوطان.
ختامًا..
لمن سيقدم على الغربة، لا تبحث عن شبيهك وتحصر نفسك في دائرة أشباهك، بل ابحث عن إنسان..
جمييييل الكلام و تعبير صادق
ReplyDelete