Posts

Showing posts from June, 2015

في الغـربة أَبحـثُ عـن إنسـان..

في الغربة أَبحثُ عن إنسان.. بعد اتخاذي قرار التغرّب والدراسة خارج أسوار وطني، لم أكن أعي أنني سأخرج لعالمٍ لا يوجد فيه أهلي، وصديقاتي، وكل الناس الذين ألفت وجوههم. رحلت عن عالمي الذي كنت فيه فردًا وسط أفراد من نفس الدين، نتشارك العقيدة نفسها، اللباس نفسه، العادات ذاتها. غادرته لأحطّ رحالي في مدينة غرب أمريكا، لا يوجد فيها أفراد اعتدت وجودهم، ولا أعزاء ألوذ إليهم.  في بداية الأمر كان من الصعب أن أخرج من الإطار الذي رسمه مجتمعي حولي بقلمٍ كنت أظنه لا يمحى. شعرت بوحدة لم أشعر بها من قبل، بحثت عن صديقة تشبهني لكن لا أحد بالجوار يشبهني، أنا في عالمٍ أوسع، في أرضٍ تحتضن الكثير المختلف عني بعد أن كنت في أرضٍ تحتضن من يشبهني. توقفت للحظة، شعرت أن الأرض توقفت عن الدوران معي، لأدرك أنني أبحث عن إنسان، وأنني لن أجد من يشبهني في ظل هذا الكوم من الاختلاف والتنوع، ولا يلزمني أن أبحث عن شخصٍ يشبهني لأتواصل معه كما كنت أفعل يلزمني إنسان، فقط إنسان؛ يشعر ويتقبّلني بالرغم من اختلاف إيماني ومعتقداتي ومبادئي ولوني وشكلي  ما جعلني أدوّن ما أكتبه؛ أن زوجين استضافانا -لاتينية ...

هروبٌ وعودة..

ذات مجهول ترك لي شبه ورقة معلّقة على شاشة إلكترونية في عالم وهمي، تحمل في محتواها أن قلمي بات مختبئًا في رفٍّ منسيّ  ما أدركته، أنني كنت أهرب منه وأحرم نفسي الراحة التي تلي الكتابة.. كنت أحاول أن أختبئ خشيةً منّي! قررت العودة، وقررت أن أقطع الحبال التي تقيّدني وأكسر قيد الخوف الذي نما بداخلي كشوكة.. - الخلاصة: تكمن القوة في الاستمرار بالرغم من وجود ما يشدّنا للوراء.. ولا شيء أجمل من أن نواجه أنفسنا ونلملم شتاتها الذي نتجاهله بأقصى قوة وطاقة ممكنة خسارة فادحة أن نخسر أنفسنا بالاستمرار بالهرب عنّا وسنرمي في مكبّ الخسائر والحسرة فرصة السفر في فضائنا الواسع القابع فينا.  ومن هنا؛ أعي تمامًا: " أتحسب أنك جرمٌ صغيرٌ .. وفيك انطوى العالم الأكبر "  - الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. 

أول خطوة غربة

أول خطواتي نحو بوابة الغربة المجهولة، كبرت عامًا أو نصف عامٍ أو أقل أو أكثر .  من بعد أول الخطوات، انحنَت روحي بعيدًا عن طريقها وضلَّل الخوف نوري  حتى لملمت شتاتها وتمالكت ما تناثر في بداية الطريق  . . أول خطوة غربة تعني  أنك  ستحمل همّك، فرحك، حزنك، وحدكَ لا أكتاف تحيطك.. أو بالأحرى لا تريد أكتافًا  تضع جلَّ ثقلك الكامل عليها؛ لئلَّا تنكسر بعد وقوفك وحيدًا كقشّة وسط ريحِ الحياة العاتية.. لا بأس بكتف صديقٍ بين حين وآخر، أكتاف أخوة، حضن أمٍّ واسعٍ كفضاء في المجرة لا بأس بإزالة بعض ثقل الدموع، أو من وحشة الغربة، أو من بعد المسافات التي تحيل بينك وبين وطنك وأصدقائك. أول خطوة غربة تعني مهمتك أولًا هي أن تجمع شتات نفسك في كل مرة تهرُبُ نفسكَ من نفسك  ألّا تسمح لنفسك بالإنهزام أمام الخوف والحنين وكل شعورٌ يقبضُ قلبَك  ومهمتك ثانيًا، أن تتحمل كل صفعةٍ توجهها الحياة، وصفعاتك ما هي إلا نسيمٌ يمرّ سلامًا على وجنتيك وتفتش عن نفسك بين طيّات كل خيبة تُحني ظهرَك.. في أول خطوة لي للغربة.. شرَّعت لي الحياة أبوابها ونوافذها...

رحيل جدير بالتذكّر لا النسيان

.قرار حياتك ومستقبلك المصيري الذي عليه ستبني شخصك، ستبني عمرك، وتحدد أي الأشخاص ستكون قرارك الذي يترتب عليه أن تترك كل شيءٍ خلفك، وترحل بنصف غصّة في قلبك  أن تترك بعض أشواقك في زوايا منزلك، وتأخذ ما تبقى في حقيبة سفرك وعهدك الذي قطعته على نفسك بالعودة، عودة جديرة بالذكر بعد رحيل جدير بالتذكّر لا النسيان  رحيلك الذي ترتب عليه أن تترك أصدقاء عمرك على رفوف مكتبة في زاوية؛ كأنك آخذٌ وعدًا بالرجوع لأن الكتب يا صديقي لا تبقى وحيدة دون صاحبها الرحيل المتعمّد والمتّخذ،الرحيل الذي يتطلّب أن تودّع الأخت- الأم- والأخت - الصديقة - والأخ -الخيمة والملاذ- وكل روح صغيرة ترفرف بحبّ وبشغبٍ حولك رحيل كهذا، يعني أنّك ستستنزف كل شجاعة احتفظَت بها روحك منذ أول التئام بعد انكسار طويل ولك أن تتخيل حجم الشجاعة بعد الوقوف مجددًا نحن لا نعي حجم القوّة التي تحيطنا وتطوّقنا إلا في أوقات رحيل كهذا لست بأول من يلتحق بركاب المغتربين، لكنني وبلا شك أحمل مشاعرًا متشابهة ومختلفة أيضًا لكلٍّ منا رحيله الخاص، والغصّة الخاصة، والكتب الخاصّة التي يتراكم عليها غبار البعد ..تعددت الأسباب -وال...